تفاصيل دقيقة
تُمثِّل رواية «أجواء مُباحة» (دار الآداب) للكاتب اليمني أحمد
السلامي عملاً أدبياً فريداً يغوص في أعماق الواقع السّياسي والاجتماعي في اليمن،
حيث يتناول الكاتب موضوع السيادة الوطنية المنتهكة بفعل الفساد والتواطؤ بين
الحكومات المحلية والقوى الخارجية. من اللحظة الأولى، يشدُّ السلامي القارئ
بأسلوبه التصويري المميّز، إذ ينقل مشاهد الحياة اليومية بتفاصيل دقيقة، مثل رقصة
الريفيين الجماعية أثناء صعودهم إلى الجبال، ما يمنح الرواية طابعاً حيّاً ينبض
بالحياة. تتكامل الشخصيات في الرواية، رغم تنوعها الكبير، لتشكّل صورة واضحة عن
شرائح المجتمع المختلفة؛ فنجد عامر الملتزم بالكفاح نُصرةً للمستضعفين، وهديّة
وبناتها كرمز للضحايا المنسيين، واللواء أمين ظافر الذي يمثل القادة الانتهازيين
المتخلين عن شعوبهم، والكوكبي الصحافي الذي يتاجر بالقضايا العادلة، وعبد الستار
نجمي الكاتب الأجير، وغيرهم. حتى الشخصيات الثانوية، مثل الأديب السجين السابق،
تترك أثراً قوياً، ما يعكس عُمق المهارة السردية للكاتب. بأسلوب روائي جاد ومنضبط،
ينسج السلامي أحداثاً مترابطة زمانياً ومكانياً، ما يُبقي القارئ في حالة تركيز
دائم، كأنه يشاهد لوحة مُتقنة التفاصيل. الرواية ليست مجرد عمل أدبي، بل شهادة
جريئة على أزمة مستمرة في اليمن، حيث يبرز السلامي قضايا الفساد والانتهاكات في
سياق أدبي مشوّق، ويوثق واقعاً لا يزال حاضراً حتى اليوم.
(لمحة حول رواية "أجواء مُباحة" وردت في ملحق كلمات بجريدة
الأخبار اللبنانية- عدد السبت 21 ديسمبر 2024)
تعليقات
إرسال تعليق