أحمد السلامي: نكتب قصيدة نثر مجنونة لنقرأها في بيئة تعيش على اجترار إيقاع لم يتبدل منذ قرون
كان
لدينا مشروع ثقافي حالم حاولنا فيه أنا والصديق حسين مقبل أن نقدم ما يمكن احترامه
حين أطلقنا موقع (هثيم)، لكنه لم يصمد ربما لأنه كان يحتاج الكثير من التفرغ
والصبر والمتابعة، وهذه الأمور ل ايمكن توفيرها من خلال المشاريع الفردية غير
المدعومة مما أدى إلى انهيار الموقع، ومع ذلك لازلت أحتفظ بالمواد المنشورة ومنها
هذه المقابلة مع الشاعر الجميل أحمد السلامي ورأيت أن أعيد نشرها هنا نظرا
لأهميتها:
حوار: أسامة الذاري
•
منذ "حياة بلا باب" إلى الآن ما الذي مر على أحمد السلامي؟
منذ "حياة بلا باب" ديواني الأول الذي صدر عن اتحاد الأدباء سنة 2002، أصدرت 3 أعمال أخرى وأرتب حالياً لإصدار عملين جديدين بعد انقطاع مقصود عن الطباعة ناتج عن اتخاذ قرار شخصي بمقاطعة خيار الإصدار على نفقة المؤلف، وهذا أبرز ما يعانيه الشعراء والكتاب في المنطقة العربية بصفة عامة! وإجمالاً مررت خلال السنوات الفائتة بقراءات وتحولات تشبه منعطفات العمر، تماماً كما تتربى الذائقة على مشاهدات وحالات إصغاء تكتسب فيها الحواس نوعاً من التدريب على الانتقاء والتماهي والغوص في ذلك الجوهري الغامض الذي يجعل الفن مشرعاً على عوالم وآفاق أكثر اتساعاً من الوظيفة الطربية والتعبيرية المباشرة التي كنا نتخيلها للكتابة في شبابنا. لقد بدأنا الكتابة بحماس لنكتشف أنها ليست كل الحياة وأنها جزء يسير فقط من حياة لم نعشها كما ينبغي. تلزمنا حياة جيدة وممتلئة وناضجة وحديثة بالفعل لنكتب بشكل جيد في المقابل، وأيضاً تلزمنا حياة طبيعية بلا حروب وبلا قهر وكبت ومحرمات لكي ننتمي بالفعل إلى حداثة منسجمة مع ذاتها وليست حداثة متخيلة أو محصورة في شكل القصيدة والقصة وبنية السرد في الرواية.
كنا
ولا نزال نحمّل الكتابة وحدها مسؤولية تمثيل حداثة غير مرئية في الواقع. أقصد أن
حداثة النص غير مسنودة بواقع حديث على كافة المستويات في مجتمعاتنا العربية. لذلك
تحدث الصدمة مع الوقت، كأن تكتب قصيدة نثر مجنونة لتقرأها في بيئة تعيش على اجترار
إيقاع لم يتبدل منذ قرون. وفي المجمل أحاول التكيف مع هذا الشرخ الذي يزداد
انشقاقاً في جدار الواقع والمخيلة معاً. قد يبدو أحدنا كسائح في مجتمعه لكن عليه
عدم إظهار هذا الشعور حتى لا يخسر ميزة الاندماج والفهم والتسامح والتعايش مع
الماضي الممتد في الحاضر.
•
أتذكر في نص قديم قلت فيه: (قد ينام الجسد لكن الروح في جحيم سهرها المضاء بنهار
الغد، الغد الذي أراه دائماً كحقيبة فارغة) هل ترى أن الشاعر يستشرف المستقبل
نوعاً ما؟
لا
أحمل الشعر والشاعر هذه الوظيفة الاستشرافية، لأن الهواجس الجمالية للشعر تبقى حرة
في العبور بين الأزمنة، وإذا ما ذهبت المخيلة إلى المستقبل فليس لأجل التنبؤ نيابة
عن المجتمع كما يحلو للبعض. ولطالما سخرت من تحميل قصائد البردوني على سبيل المثال
هذا البعد الاستشرافي. أعتقد أن البردوني نفسه لا يقصد الاشتغال بالكلمات على هذا
النحو كما يتم الترويج له من قبل بعض من يريدون أن ننظر إلى البردوني كمنجم، وأرى
أن الشعر يخسر الكثير من جمالياته المدهشة عندما نتوهم أنه أداة للتنجيم. لكن قد
يختلف الأمر على المستوى الفردي، ربما يستبطن الشاعر مصيره ويتخيل مستقبله وحده
بناء على واقعه والأجواء النفسية التي يعيشها.
•
وكيف ترى الواقع الثقافي اليمني!؟
اليوم
والأمس ليس الفارق كبيراً، لأن واقع الثقافة في اليمن يتحدد بالاشتغالات الفردية
حسب ما يتاح للمثقفين المنتجين من ظروف ملائمة. أما المستوى العام الرسمي والشعبي
فهو في حالة عداء صامت مع الفن والثقافة، وينظر إليها باعتبارها مهنة العاطلين و "السراسرة".
فلا تمويل رسمي ولا عناية ولا استراتيجية ثقافية معلنة ولا عمل نقابي مهني. مجرد
اشتغالات فردية، عندما يواجه أصحابها ظروفاً قاسية ينشغلون بأمور حياتهم، تماماً
كما يقفل شخص ما حانوته عندما تهب عاصفة في السوق، وما أكثر العواصف التي تهب على
الأديب والمثقف الذي لا يجد حتى في أيام الرخاء سوقاً لسلعته. كما أن التلقي يدور
بين النخبة المنتجة نفسها، فلا سينما ولا مسرح وبالتالي لا تذاكر ولا سلعة ثقافية
ولا حفلات جماهيرية.. أقصد لم تنشأ لدينا بعد في اليمن شريحة الجمهور الذي يسمح
لنا بالحديث عن مشهد ثقافي تنتعش في ظله الفنون والآداب. ومنذ العام 2011 وما تلاه
دخلنا فترة التوهان والحرب واعتماد المجتمع على الأشكال البدائية من التضامن الذي
بالكاد يركز على ضروريات الحياة، فيما انخرط الكثيرون في طوابير السياسة والولاءات
المتعددة التي تتطلب انتاج شعارات وسرديات سياسية لا شأن لها بالثقافة ولا حتى
بالسياسة النزيهة.
•
وكيف أثرت الحرب والصراعات على لغة الخطاب عند أحمد السلامي، ومن برأيك من الجيل
الحالي تعتقد أنه يكتب القصيدة الحديثة بإلمام؟
بالنسبة
لتأثير الحرب والصراعات، كل ما فكرت فيه هو حماية ذاكرتي الشخصية وعدم القبول
بالانخراط في تيارات تقوم على قاعدة فقدان الذاكرة واستبدالها بروايات موجهة
ومستأجرة لكل ما يدور. ربما حرصت على أن يتوقف بي الزمن متعمداً عند فترة ما قبل
الحرب، لأن الراهن مخيف ويتطلب التكيف معه الإيمان بالكثير من الخرافات أو شرعنة
خيانة الذاكرة الفردية والجمعية. أحاول البقاء على الشاطئ بعيداً عن الصراعات
والنقاشات الساخنة حتى لا أغرق. لأن الغوص في الوحل مرهق ويصعب الخروج منه. فيما
المراقبة عن بعد تجعلك ترى المشهد بوضوح أكثر لكي تتجنب بقدر ما تستطيع الانزلاق
في المستنقع!
بالنسبة
للجزء الثاني من السؤال أعتقد أن من الجيد تعدد الأصوات وليس هناك ناقد مخول بحصر
أسماء بعينها ليمنحها شارة الأفضلية والإلمام بكتابة القصيدة الحديثة. ينبغي القلق
من تكون شروط ومواصفات لما نسميها بالقصيدة الحديثة، لأنها سوف تتخلى عن حداثتها
في هذه الحالة وتدخل مرحلة القواعد والأنموذج المستقر.
•
النقاد الجدد في اليمن قسموا الشعراء إلى جيلين تسعيني وألفيني كيف ترى هذا
التقسيم؟
المعيار
الزمني والتجييل على أساس عقود عشرية خاطئ تماماً. لأنه لا يشي بتقسيمات فنية، بل
زمنية لا قيمة لها ولا لون ولا مذاق! خصوصاً أن التعاطي مع الأشكال المختلفة
للكتابة الشعرية بحديثها وقديمها سمة مهيمنة على الكثير من شعراء الجيلين
الأخيرين. وبالتالي أنا مع التقسيم إلى تيارات واتجاهات شعرية بعيداً عن التجييل
والتوصيف داخل عقود.
•
وما هو مستقبل الأدب اليمني في ظل الانقسام السياسي الحاصل؟
الانقسام
السياسي يلقي بظلال قاتمة على مستقبل اليمنيين بشكل عام؛ أما الأدب فهو مجرد حيز
تعبيري صغير وهامشي في مأساة أكبر بكثير، والأدب يخسر وينحسر في مثل هذه الظروف
لأن الفنون تتطلب ازدهار المجتمعات واستقرارها، بينما خسرنا بالحرب والانقسامات
السلم الأهلي وسقط شبح الدولة وانتهى حتى ذلك الاستقرار الهش ليحل مكانه الفراغ
وتقاسم كعكة بلد مطرزة بالضحايا.
•
هل ترى أن القصيدة موقف أم أنها تجسيد للحظة عابرة؟
اعتقد
أن النص غير معزول عن سياقه الجغرافي والاجتماعي. فعندما تكون القصيدة لحظة عابرة
في حانة مدينة اسكندنافية صاخبة، هي في المقابل قصيدة موقف ولحظة جارحة ومنجرحة
بمشهدية الواقع في بلداننا. نحن في الشرق لم نحسم أموراً كثيرة تؤهل الفن والشعر
لأن يصبح تعبيراً مجازياً. لذلك من الصعب أن أكتب بلغة يكسوها الضجر عن قطعة ثلج
تذوب في كأس. بينما هنا في عالمنا الشرق أوسطي نحن الذين نذوب وننصهر في جحيم لا
تحتمله القصيدة ولا الصورة السينمائية، وبالتالي يصبح الحديث عن شعر التفاصيل
اليومية العابرة البعيدة عن القضايا الكبرى نوعاً من المخدرات المعنوية. أعتقد أن
الجدل مشروع حول أسلوب الكتابة أكثر من الجدل بشأن محتوى النص وما الذي يريد أن
يقوله. على سبيل المثال لدينا في اليمن الكثير مما يجب أن نصرخ به في وجه العالم
المريض بالفرجة على حروب عبثية يتم التعاطي معها بوصفها حقول تجارب!
•
وهل أنت مع الأصوات التي تقول بموت اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين؟
تم
تحميل اتحاد الأدباء مهمات نضالية وسياسية تفوق المطلوب منه على المستوى النقابي.
كنت أقول دائماً أن على اتحاد الأدباء أن يتحول إلى نقابة مهنية غير معنية
بالمواقف والبيانات السياسية النارية، هناك أحزاب وصحافة ومنظمات أهلية معنية
بالقضايا العامة، والأدباء جزء من هذا النسيج ويمكن لهم التعبير عن مواقفهم من
داخل التيارات التي ينتمون إليها، لأن الاتحاد نقابة يفترض أن تتمحور أنشطة إدارته
حول رعاية شؤون الأعضاء، وليس حزباً أو منظمة سياسية. لكن الاتحاد بدأ منذ نشأته
يعكس رؤى المؤسسين ومواقفهم التي كانت حينها مطالبة بمواجهة السلطات في الشطرين
قبل وحدة عام 1990. وبالتالي ظل الناس ينتظرون من الاتحاد مواقف مماثلة لظروف
تأسيسه، بينما خسرنا البعد النقابي. ولم أكن أمزح عندما كنت أدعو مراراً إلى أن
يقتدي اتحاد الادباء بغيره من الجمعيات والنقابات الناجحة في أداء دورها مثل نقابات
الشحن والنقل وسيارات الأجرة، وهي نقابات مهنية تكثف أنشطتها بالتركيز على شؤون
الأعضاء ومعالجة قضاياهم والوقوف إلى صفهم بمنطق نقابي مجرد يظهر فيه التضامن
والتعاون ومساعدة من تقسو عليه الظروف.
وجواباً
على سؤالك أقول نعم مات الاتحاد بشكله القديم بينما الاتحاد النقابي للأدباء لم
يولد بعد حتى الآن.
•
وكيف ترى المشهد النقدي الآن؟
أعتقد
أن التعافي يطال النقد الأكاديمي في اليمن، بعد توالي عودة موجات المبتعثين الذين
نالوا قسطاً من الدراسة الأكاديمية في جامعات عربية. أسمع عن رسائل ماجستير
ودكتوراه حول أعمال أدبية طازجة ومعاصرة، وهذا أمر جديد لم يكن شائعاً من قبل، فقد
كان الأكاديميون في السابق منشغلون بحروف الجر وشعر الزبيري ونثر المنفلوطي في
أحسن الأحوال، بينما بدأنا نقرأ عن مناقشة أبحاث تدور حول أعمال شعراء وروائيين
على قيد الحياة. أما النقد الصحافي الذي كان معهوداً في الصحف والمجلات فلم يعد له
أثر ملموس لأن المطبوعات اختفت في ظل الحرب، وما بقي منها بما فيها المواقع
الالكترونية مكرسة للإعلام الحربي والشائعات وجذب التمويلات.
•
هناك معاناة كبيرة يتحملها الكتاب في الوطن العربي واليمني على وجه الخصوص فيما
يتعلق بالنشر ما الذي يمكن فعله برأيك لإنهاء هذه المعاناة!
المعاناة
في هذا الحقل سببها الفشل في مأسسة وتسليع حركة النشر. ومع الوقت سنفهم أن الكتاب
سلعة تتطلب تحويل آلية الطباعة والنشر والتوزيع إلى الشكل التجاري. هذا سينعكس
إيجابياً على المؤلف والناشر وعلى الشكل الفني للكتاب. ويمكن تحقيق فائدة مشتركة
للمؤلف والناشر عندما توجد مؤسسة نشر عملاقة تستفيد من مساحة وجغرافيا قراء اللغة
العربية ومنتجها الأدبي. أما سبب التوهان الراهن فهو كثرة دكاكين النشر غير
الاحترافية واعتمادها على الاحتيال لتحقيق فائدة لصاحب الدكان بمفرده، بينما
المؤلف يكتفي بالجانب المعنوي. ولي موقف حاد منذ العام 2006 ضد الطباعة على نفقة
المؤلف، هذا عبث وخطأ كبير، ويولد عدم الثقة بالكتاب المطبوع على نفقة صاحبه. ثم
لماذا نقتطع من ثمن الخبز والغذاء والدواء قيمة طباعة كتبنا؟ يجب الدفع باتجاه
تطوير سوق النشر من خلال التوقف عن التمويل الذاتي للطباعة. وإذا استمر هذا العبث
فأنصح المؤلف بالذهاب مباشرة إلى المطبعة من دون العبور بدكاكين النشر التي تعمل
فقط كوسيط بين المؤلف والمطبعة.
•
ماذا منحت لك الهجرة خارج الوطن، وما الذي سلبته منك؟
هجرة
الزمن الراهن لها مذاق تختلف مراراته وأسئلته عن هجرات العقود السابقة. أنت تهاجر
الآن إلى مجتمعات معولمة، مقتولة بالتشابه والمزاج العام الذي لا يشعرك بدهشة
الاغتراب ورومانسياته التقليدية. نهاجر هذه الأيام أيضاً هجرة اقتصادية معيشية،
ونحمل معنا سلة أغان وبهارات وصداقات وحسابات تواصل اجتماعي تنقل لك كل يوم حارة
من بلدك إلى حضنك في غرفة المعيشة.
شخصياً
لم تمنحني هجرة الاضطرار غير المرغوب فيها سوى رؤية بلدي من بعيد بعين الصقر. أرى
إشكالياته عن بعد بشكل أوضح لأنني لست متورطاً في الاصطفاف وراء تيار أو فصيل أو
جبهة. أتشبث بتوصيف للأحداث ينسج مقولاته من داخل منظور أكثر انفتاحاً من التقوقع
مع رؤية أحادية. ولم تسلب مني الهجرة التي أعدها في مخيلتي مؤقتة سوى طقس صنعاء
المعتدل وأرصفتها وألفتها. وحتى هذا الشعور يمكن جلبه إلى المخيلة عبر الدندنة على
أوتار عود يستعيد تلك الألحان الكلاسيكية التي تعيدني إلى المكان معنوياً عندما
يكون العود مدوزناً بشكل مثالي.
•
كيف تنظر إلى سلطة النص وتأثيره على المتلقي؟
المتلقي
هو الذي أصبح يمارس سلطته على النص بفعل تعدد الخيارات أمامه. أصبح المتلقي منتجاً
بشكل أو بآخر. بل وسارقاً للنصوص، كما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي التي تحدث
فيها عمليات نهب للنصوص بأشكال متعددة.
أستحضر
كذلك سلطة المتلقي وليس سلطة النص منذ أن اشتركت في خدمة بث تليفزيوني تجعلني
أتحكم بمواعيد البث وأتنقل بين قنوات المحتوى المرئي، وهذا ما يحدث تجاه مختلف
الفنون. المتلقي لم يعد تحت رحمة المنتج الأدبي أو الفني، بل إن التسليع يمنح
متلقي اليوم سلطات وخيارات لا نهائية.
•
البعض تلاحقه تبعات ما يكتب وما ينشر سواء كان ذلك على الصعيد السياسي أو
الاجتماعي.. الخ.. هل حدث ذلك معك؟
تلاحقني
تبعات ما لم أكتبه بعد وأرغب بشدة في كتابته. وهي تبعات مؤلمة وشعور بالعجز والقهر
الذي لا يوصف. وأنت تعرف أن الحرية النسبية والقيود القليلة لازمت بداياتنا. فقد
ولدت تجارب جيلنا بين منتصف التسعينيات وأواخرها. وترافق ذلك العقد مع انتهاء حقبة
التشطير التي اقترنت في الشمال والجنوب بقيود صارمة وحسابات سياسية كانت تضع النص
الأدبي تحت رحمة الاختبارات الأيديولوجية في كلا الشطرين. أما جيلنا فقد ولد
أدبياً في زمن حرية توافقية وانفتاح نسبي حدث بالتراضي بين مختلف القوى، فشهدنا
تعددية سياسية وصحفية، تكللت بظهور الصحافة الحزبية والمستقلة التي ازدهرت تحت
مسميات مختلفة. كتبنا ونشرنا آنذاك ما يسمح به الرقيب الذاتي والتربية الشخصية
التي تحتاط لقيود المجتمع والدين والعائلة أكثر مما تحتاط لقيود القانون والأجهزة
الرسمية.
أما
الآن وبالتحديد منذ ما أسميها مرحلة الشتات اليماني الجديد وضياع البوصلة، أصبحنا
تحت رحمة قيود وحسابات جهات وكيانات عديدة. ولم يكن أحدنا يتوقع أن يحدث لنا ما
يحدث اليوم. أن تكتب وأنت تضع في حساباتك عذابات التصنيف والتخوين من قبل اتجاهات
متباينة الولاءات، ورغم ذلك قد تضعك تحت المجهر وتعاقبك في معيشتك وتحد من حركتك
بحرية داخل بلدك. وبالفعل هناك العشرات من الأدباء والكتاب الذين أصبحوا يواجهون
مصاعب في التنقل والعيش داخل بلدهم، فما بالك بحرية الكتابة والتعبير. فلا صنعاء
بقيت صنعاء التي نعرفها ولا عدن ظلت كما عهدناها عدن.
تعليقات
إرسال تعليق